درس العقيدة: الإيمان بالرسل عليهم السلام ( السنة الخامسة )

 1- تعريف الوحي

الوحي: اسم مصدر من أوحى إليه بكذا, يوحي إيحاء: إذا أعلمه بمراده في سرعة و خفاء… فالوحي إذا هو الإعلام السريع الخفي, و بأي واسطة حصل إذ ليس شرطا أن يكون من قرب, أو بقول أو بين متجانسين. فقد قال تعالى: " و أوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا و من الشجر و مما يعرشون, ثم كلي من الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا." ( النحل 68_69 ) و قال تعالى: " و أوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم". ( القصص 7 ).

لقد أعلم الله النحل مراده ففهمت عنه ذلك, و نفذته كاملا, و لم يكن هنا قرب و لا قول و لا تجانس مما يعرف الناس في حياتهم المادية, كما أنه تعالى أعلم أم موسى بمراده ففهمته و نفذته كاملا تاما و بدون قرب أيضا و لا قول و لا تجانس أبدا بين الموحي و الموحى إليه…فالوحي بهذا المعنى ممكن و لا معنى لإنكاره أبدا.

درس العقيدة: الإيمان بالرسل عليهم السلام ( السنة الخامسة )

2- الوحي الإلهي

هو ما يوحي به الله تعالى من كلماته الصادقة في أخبارها, العادلة في أحكامها بطريقة من طرق الوحي إلى من يصطفي من الناس و لا شاهد أقوى على وجوده من كلام الله تعالى الموجود بين أيدي المؤمنين يقرؤونه محضا لم يشب بكلمة واحدة من كلام الناس, و هو القرآن الكريم الموحى به إلى النبي صلى الله عليه و سلم, آيات و سور شيئا فشيئا حتى اكتمل نزوله و وحيه من خلال ثلاث و عشرين سنة.

3- تعريف النبوة و الرسالة

النبوة اسم مشتق من نبا, يقال نبا الشيء ينبو نبوة إذا ارتفع متجاوزا غيره…أو هي اسم مشتق من أنبأ, يقال أنبأ غيره ينبئه إنباء إذا أخبره بخبر ذي شأن…

و بناء على هذا فالنبوة الشرعية هي إعلام الله تعالى من اجتبى من الناس لرفعته, و الإعلاء من شأنه بإنبائه بالوحي الذي أراده له أو له و لغيره… و النبي ذكر من بني آدم أوحى الله تعالى إليه بأمر فإن أمر بتبليغه إلى الناس فهو نبي و رسول و إن لم يؤمربتبليغه فهو نبي غير رسول و بهذا يظهر الفرق بين كل من النبي و الرسول, و هو أن الرسول من أمر بإبلاغ ما أوحي إليه و النبي من أوحي إليه بشيء و لم يؤمر بإبلاغه لاختصاصه به دون غيره من الناس و عليه فكل رسول نبي و ليس كل نبي رسولا.

4- صفات الأنبياء

إن للمؤهلين لحمل رسالة الخالق إلى الخلق صفات كمال لا تفقد في أحدهم أبدا إذ هي واجبة لكل من يحمل رسالة الله تعالى إلى عباده, ومن تلك الصفات:

- الصدق: صدق النية و الإرادة, صدق القول و العمل, بحيث يستحيل أن يتصف المؤهل للنبوة بضد الصدق و هو الكذب و النفاق و الإهمال و اللامبالاة. و المتتبع لسير الأنبياء يعرف هذه الحقيقة و يؤمن بها.

- الأمانة: الأمانة في كل شيء, في القول و العمل, في الحكم و القضاء, في الحديث و النقل, في الرواية و التبليغ, في السر و العلن معا.

- التبليغ: و المراد منه أن يبلغ رسول الله كل ما أمر بتبليغه فلا يخفي منه شيئا, و لا يكتمه بحال من الأحوال, فلا تحمله رغبة و لا رهبة على أن يكتم بعضا مما أوحي إليه و أمر بإبلاغه إلى الناس. و الكتمان للوحي الإلهي يتعذر على المرسلين و يستحيل في حقهم و لا يتأتى لهم. لأن الله تعالى أهلهم للبلاغ عنه ما أراده لعباده من الهدى و الخير, فمتى وجد الكتمان بطلت النبوة و انتفت الرسالة.

- الفطنة: إن الفطنة ليست الفهم و الذكاء فحسب, بل هي مع ذلك رقة الشعور, و صفاء الذهن و رفاهة الحس و صدقه و سرعة البداهة. فالفطنة من المؤهلات لتلقي الوحي, و الأمانة عليه.

5- وجوب الإيمان بالرسل عليهم السلام

إن الإيمان بالرسل إجمالا و تفصيلا جزء من عقيدة المؤمن لا يتجزأ, بحيث لا تصح عقيدة المؤمن و لا تكمل إلا به. و معنى الإيمان بالرسل إجمالا أن يؤمن المرء بكل ما نبأ الله من نبي و ما أرسل من رسول ممن عرف نبوتهم و رسالاتهم و ممن لا يعرف, فيؤمن إيمانا إجماليا, و الإيمان بالرسل تفصيلا: معناه أن يؤمن المرء بكل نبي و رسول عرف نبوته و رسالته عن طريق الوحي إيمانا تفصيليا, فمن عرفهم عن طريق الوحي الإلهي بأسمائهم آمن بهم واحدا واحدا على التفصيل و لا يؤمن برسالة و يكفر برسالة بعض آخر, إذ الكفر بواحد منهم يعتبر كفرا بجميعهم…

و الإيمان بالرسل ضروري, لا يتوقف على نظر و لا استدلال بالنسبة للمؤمنين بالله تعالى, لأن الله تعالى هو الذي نبأهم و أرسلهم و أخبر عنهم و أمر بالإيمان بهم و تصديقهم, و الإيمان بالله عز و جل مستلزم للإيمان بكل ما أمر الله تعالى بالإيمان به من الملائكة و الكتب و الرسل و البعث و الجزاء و القضاء والقدر و بكل غيب أمر الله تعالى بالإيمان به.    

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-